×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سَمْتًا وهَدْيًا، تتّبعون عملهم حَذْو القُذَّة بالقُذَّة، غير أنّي لا أدري أتعبدون العِجَل أم لا؟».

****

يشير عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الصحابيِّ الجليل، عالم الصحابة وفقيههم أنَّ الأمَّة سيكون فيها من يتشبّه ببني إسرائيل: اليهود والنصارى، ويتبعونهم في كلِّ شيء طريقًا ومسلكًا وهديًا وسمتًا، حتى لا يدعون شيئًا يفعله اليهود والنصارى، وخاف أن يكون في الأمة من يعبد العجل كما عبدته اليهود، وللأسف فإنَّ ما توقعه حصل، فلقد وُجد في الأمة من يعبد القبور والأضرحة ويطوف بها ويتمسّح بها، ويطلب النفع ممن بها، ووُجد من يبني على هذه القبور المساجد ويتخذها عيدًا، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

والنبي صلى الله عليه وسلم حذَّر أمته من ذلك غاية التحذير، ولعن من فعله، فقال: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا ([1]) ومع هذا وُجِد من عصى الرسول صلى الله عليه وسلم وتشبّه ببني إسرائيل، وذلك لظنهم أنَّ الكفار جديرون بأن يقلَّدوا، لا سيّما وقد ملكوا زمام المدنية والتقدم الصناعي، وما علموا أنَّ الرقيّ إنما هو عند المسلمين، رقيّ في دينهم وما يعتقدون من عبادة الواحد الأحد التي فيها كل رقيّ، فالواجب عليهم أن يعتزُّوا ويفخروا بدينهم وعقيدتهم، وأن لا يقلِّدوا ويتشبّهوا بأقوام غضب الله عليهم فأصمّهم وأعمى أبصارهم.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (435)، ومسلم رقم (531).