وأمّا
السُّنَّة فجاءت بالإخْبار بمشابهتهم في الدنيا، وذَمِّ ذلك، والنهي عن ذلك، وكذلك
في الدِّين. فأما الأوَّل: الذي هو الاستمتاع بالخلاق: ففي «الصحيحـين» عن عمرو بن
عوف رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا
عُبَيْدَةَ بن الجرَّاح إِلَى الْبَحْرَيْنِ، يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ
عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ
مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَْنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ،
فَوَافَت صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا
صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ،
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ، ثُمَّ قَالَ:
«أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنَ
الْبَحْرَيْنِ؟» فَقَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «أَبْشِرُوا
وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي
أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى
مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ
كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ» ([1]). فقد
أخـبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يخاف على أمته فتنة الفقر، وإنما يخاف بَسْطَ
الدنيـا وتنافسهـا وإهلاكها، وهذا هو الاستمتاع بالخلاق المذكور في الآية.
****
قوله: «وأمّا السُّنَّة فجاءت بالإخبار بمذاهبهم في الدنيا...» أي: أنَّ سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم جاءت بذمّ من سلك مسلك الأمم السابقة في الأمرين اللذين ذكرهما سابقًا: الخوض في العقيدة والعبادة، والاستمتاع بالشهوات والانشغال بالدنيا وملذاتها عن الدِّين، ومع ذلك
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد