فإنَّ من هذه الأمـة مَن وقع في هاتـين
المصيبتين العظيمتين، ولكنَّ مصيبة الخوض في العقيدة أشدّ من مصيبة الاستمتاع
بالشهوات والملذات؛ لأنَّ الخوض في العقيدة يقتضي أحيانًا الكفر أو الفسق
الاعتقادي، وأما الانشغال بالشهوات والملذات وفعل المحرَّمات، فهذا يقتضي الفسق
العملي، وهو أخفّ من الفسق الاعتقادي.
وهنا شبهة يوردها
البعض، فيقول: إنَّ الوحي قد انقطع، وإنما الآيات كانت إذا نزلت بيّنت أولئك القوم، أما
الآن فلا نعرف المنافقين!
فنقول: وإن انقطع الوحي،
ولكن الذي أوحاه الله بَيْن أيدينا غضًّا طريًّا، وهو لا يخاطب أولئك الذين مضوا
فحسب، بل يخاطب الناس جميعًا حتى تقوم الساعة، والمنافقون في كل زمان يظهر نفاقهم
في كلامهم ﴿ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ﴾ [محمد: 30] وفي
تصرفاتهم، وقـد يسَّر الله من أهل العلم من يقف في وجه هؤلاء المنافقين ويكشف
أستارهم، ولكن كما أسلفنا أنَّ المنافقين يجاهَدون بالحجة والبيان.
وقد كان من سَمْت النبي صلى الله عليه وسلم أن يتلطّف في دعوته، فكان يقول: «ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا؟» لأنَّ المقصود هـو التنبيـه على الخطأ، لا تجريح الأشخاص، ولأنَّ أسلوب الحكمة أدعى للقبول وأدعى للمخطئ أن يتراجع عن خطئه، وحضًّا على الستر على المخطئين.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد