×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

والمحسن معناه: المتَّبع لما بلغه من الحق، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ [التوبة: 100] وقال جل وعلا: ﴿بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ [البقرة: 112] يعني: متبّع للرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك اتباعه في القراءة الثابتة عنه.

قوله: «ولهذا قال حذيفة لعثمان رضي الله عنهما: أدرك هذه الأمّة...» بداية هذا الاختلاف الذي حصل بين ابن مسعود رضي الله عنه والرجل الآخر ليس من الاختلاف المذموم؛ لأنَّ كلًّا منهما قرأ ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لما تفرَّق المسلمون في الأقطار، وانتشر الإسلام ودخل الأعاجم في الإسلام، وصار كلٌّ يقرأ بقراءة واحدٍ من الصحابة، حينها صاروا يختلفون في القراءات اختلافًا يُخشى منه وقوع الفتنـة فيما بينهم، وإن كانت هذه القراءات مسموعـة وثابتـة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان الاختلاف فيها سيؤدي إلى الفتنـة، فإنَّ الأوْلى جَمعُهم على قراءةٍ واحدة، درأً للفتنة التي خشي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه منها، والفتنة بين المسلمين لا تجوز وفيها خطر، ودرأ المفاسد مُقدَّم على جلب المصالح.

وكان حذيفة يحذّر من الفتن، وكان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة أن يقع فيه، لشدة حذره من الفتن، لذلك لما رأى اختلاف الناس في الأمصار في تلاوة القرآن اختلافًا يؤدي إلى التصارع فيما بينهم، وجحْد ما مع الآخر من الحق، وربما أدى إلى قتالٍ بينهم، أو إلى تكذيب بعضهم بما مع الآخر من الحق، جاء إلى أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه


الشرح