×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

فطلب منه المبادرة إلى حسم مادّة النزاع، وذلك بجمع المسلمين على قراءة واحدة، وعلى مصحفٍ واحد، وكان المسلمون لهم مصاحفَ متعدِّدة فيها قراءات مختلفة، وهذا حتمًا يؤدي إلى النزاع والتفرق.

فأمر عثمان رضي الله عنه بعد استشارة الصحابة بجمع الناس على مصحف واحد، وبأن يُنسخ هذا المصحف إلى نسخ توزّع على الأمصار وأن يُحرَق ما عداه، وشكَّل لجنة من علماء الصحابة، وأمرهم أن يكتبوا مصحفًا واحدًا محتملاً للقراءات السبع - يعني: الرسم واحد لكنه يحتمل قراءات متعددة - فاجتمعوا بعد تردُّد وتثاقل؛ لأنَّ هذا الأمر ليس سهلاً، ولكن عثمان رضي الله عنه بقوة إيمانه، وقوة حرصه على جمع الأمة أقدم على هذا العمل، بمشورة إخوانه، فكتبوا مصحفًا واحدًا، على رسم واحد يحتمل القراءات الثابتة يسمى الرسم العثماني، ثم أمر ببقية المصاحف فأُحرقت.

ونسخ من هذا المصحف عدة نسخ بعدد الأقاليم، ووزّعها عليها، وكان هذا من حفظ الله لهذا القرآن، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ [الحجر: 9]، فبقي هذا المصحف بأيدي الأُمة، ولله الحمد، وسمِّي بالمصحف العثماني، والرسم العثماني، وهذا من أجلِّ أعمال عثمان رضي الله عنه.

أما بالنسبة للسُّنّة: فالرسول صلى الله عليه وسلم منع أن تُكتب الأحاديث في عهده صلى الله عليه وسلم؛ لئلا يختلط القرآن بالسُّنَّة، فلما توفي صلى الله عليه وسلم، أُمن هذا المحذور بانقطاع الوحي، وانتهاء نزول القرآن، فبدأوا يدوّنون السُّنَّة ويكتبونها،


الشرح