أو أنَّ إحدى الآيتين منسوخة، والآية الأُخرى
ناسخة لها، ولا يجوز البقاء على المنسوخ، بل يجب الأخذ بالناسخ.
وربما تكون هذه
الآية مطلقة، وهناك آية مقيِّدة لها، ولا يجوز الأخذ بالمطلق دون نظرٍ إلى
المقيَّد، بل يجب حمل المطلق على المقيَّد، أو تكون هذه الآية عامّة، وهناك آية
أخرى مخصِّصة لها، فيحمل العامّ على الخاصّ، وهذه طريقة لا يُحسنها إلاّ أهل
الرسوخ في العلم.
ولقد دوَّن العلماء
والمفسّرون - يرحمهم الله - أصول التفسير، فالتفسير ليس اعتباطيًّا وعفويًّا، بل
له قواعد وضوابط لا بدَّ أن يتقنها المفسِّر قبل أن يشرع بتفسير الآيـات، لذلك
قعّدوا قواعـد سمّوهـا أصول التفسير، وطالب العلم إذا فقهها وعمل بها، زال عنه
كثير من هذه الإشكالات، ولشيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله رسالة اسمها
«دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب»، وهي مطبوعة ومتداولة، فيها إعانة لطالب
العلم تعطيه طريقة صحيحة يمشي عليها، فتُزيل عنه الإشكالات التي ترد على الجهّال
والمتعالمين في كتاب الله عز وجل.
قوله: «فعلَّل غضبه صلى الله عليه وسلم بأنَّ الاختلاف في الكتاب سبب هلاك من كان قبلنا...». الله جل وعلا يقول: ﴿وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۢ بَعِيدٖ﴾ [البقرة: 176] ويقول: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ﴾ [آل عمران: 105]، فالله عز وجل يحذرنا في هذه الآيات أن نقع في ما وقع فيه مَن كان قبلنا من الاختلاف في كتاب الله، مع أنَّ كتاب الله
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد