حق كلُّه لا يعارض
بعضه بعضًا، ولا يُناقض بعضه بعضًا، ومع ذلك جاء هذا التحذير، فالواجب على المسلم
- لا سيّما من كان عنده بصيرة وعلم ومعرفة لأسرار القرآن وأسلوبه - أن يُرجِع بعض
الآيات إلى بعض، فحينها يظهر له المقصود منها جميعًا، أما إذا أخذ آية على حدة
وترك الآية الأخرى، أو انتزع آية من سياقها واستشهد بها، فتكون النتيجة زيغ وضلال،
وإن كنت تزعم أنك تستدل بآية، فالآية لا تدلُّ على ما أردت، لأنه لا يصلح الاستدلال
بها وحدها، إلاّ مع الآية الأُخرى التي تُبيِّنها وتوضِّحها، وقد تكون الآية
الواحدة يوضح بعضها بعضًا، كما لا يستدل مبطل بآية إلاّ وفيها ما يكذبه، كما قال
تعالى:﴿وَلَا يَأۡتُونَكَ
بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِيرًا ﴾ [الفرقان: 33].
والله جل وعلا أحكم
هذا القرآن فقال: ﴿كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ
خَبِيرٍ﴾ [هود: 1] فلا يمكن أن
يتعارض كلامه سبحانه وتعالى إلاّ على جاهل ليس له حظ من العلم، أو صاحب هوى يريد
تضليل الناس والتلبيس عليهم، فيستدلّ بآية من المتشابه ليقيم الدليل على ضلاله،
ويقول: هذا القرآن يدعو إلى كذا، فنقول له: كذبت فيما ادّعيت، فالقرآن يفسِّر بعضه
بعضًا، ونحن نُرجِع كتاب الله بعضه إلى بعض وننظر في سياقاته فهي تفسِّره، وكلام
الله يُفسِّر بعضه بعضًا، أو يفسَّر بكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الذي وكَلَ
الله له بيان القرآن.
***
الصفحة 3 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد