والعمل به، وقِسم
خالفوا الكتاب، وعبدوا الأوليـاء والصالحين، واختلفوا فيما بينهم، وتفرقت
المعبودات؛ لأنهم تركوا التوحيد، فصار كلٌّ يعبد ما يروق له وما يهواه، أو يعبد ما
يستحسنه بعقله، والعقول تختلف، والاستحسانات تضطرب، فلما تركوا الكتاب ابتُلوا
بالاختلاف، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ﴾ أي: لـمّا حدث فيهم الاختلاف في البداية استمر عقوبة لهم لـمّا لم يرجعوا
إلى الكتاب.
وأمّا الذين بقوا على الحق،
فهؤلاء رحمهم الله سبحانه وتعالى فثبَّتهم عليه، وهذا يوضحه ما جاء في قول النبي
صلى الله عليه وسلم: «تَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُْمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ
فِرْقَةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً». قَالُوا: وَمَا تِلْكَ
الْفِرْقَةُ؟ قَالَ: «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» «[1]).
فالذين تمسّكوا بالكتاب وبقوا عليه وثبتوا هؤلاء هم أهل الرحمة، وأما الذين اختلفوا في الكتاب فهم أهل العذاب والشقاق البعيد. قال سبحانه: ﴿وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۢ بَعِيد﴾ وليس قريبًا، وهذا دأب من خالف الكتاب والسُّنَّة في كل زمانٍ ومكان، فإنه يُبتلى بالاختلافات الكثيرة والمشادّات والمنازعات والخصومات، ولا ينتهي أمره إلى شيء؛ لأنه لم يبن قوله على أصل، فهو ترك الحق، فابتلاه الله بالباطل، قال سبحانه: ﴿فَذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ﴾ [يونس: 32]، فالذي يريد الوفاق والاتفاق عليه أن يتمسَّك بكتاب الله، ولذلك نجد أهل السُّنَّة والجماعة متّفقين فيما بينهم
([1]) أخرجه: الطبراني في الأوسط رقم (4886)
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد