لم يختلفوا - ولله الحمد - في أمور الدين، سواء
كان في أمور العقيدة، أو أمور الإيمان، وإنما الاختلاف بينهم إذا حصل فإنما يقع في
الاجتهادات الفقهية، ومطلوب من العالِم المؤهَّل أن يبذل وسعه لتحرّي الحق،
واستنباط الفقه من الأدلة، فإن أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجرٌ واحد، والخطأ
مغفور، لكن إذا تبيَّن له الخطأ، فعليه الرجوع إلى الصواب.
قوله: « ﴿وَلَا
تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ
ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ﴾»[آل عمران: 103] في هذه الآية نهانا الله سبحانه وتعالى أن
نتفرَّق في أمور الـدين - لا سيّما في العقيـدة والعبادة - كما اختلف الذين من
قبلنا، ولم يختلفوا عن جهلٍ أو عن اجتهادٍ، وإنما اختلفوا عن تعمّد وعناد، ولهذا
قال سبحانه وتعالى: ﴿مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ﴾ يعني: هم ليسوا على جهلٍ، وإنما قد بيَّن الله لهم طريق الصواب، لكنهم لم
يقبلوه، وإنما اتَّبعوا أهواءهم، فالله نهانا أن نتشبَّه بهم في ذلك، حيث قال: ﴿وَلَا
تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ﴾ هذه الآية بعد قوله تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْ﴾ [آل عمران: 103].
وأما قوله تعالى: «﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا﴾» يعني: فِرقًا متناحرة، ﴿لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ﴾ أيها الرسول في شيء، يعني: أنك بريءٌ منهم، وهم ليسوا على طريقتك ولا على سنَّتك، فدّلت هذه الآية على النهي عن التفرق والاختلاف الذي سببه الهوى، واتّباع الظنون الكاذبة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد