×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

ومنه: ما يكون المعنيان غَيْرَيْنِ، لكن لا يتنافيان، فهذا قولٌ صحيح، وذاك قول صحيح، وإن لم يكن معنى أحدهما هو معنى الآخر، وهذا كثير في المنازعات جدًّا. ومنه ما يكون طريقتان مشروعتان، ولكن قد سلك رجلٌ أو قوم هذه الطريقة، وآخرون قد سَلكوا الأُخرى، وكلاهما حسنٌ في الدين. ثم الجهل أو الظلم يَحمل على ذَمِّ أحدهما، أو تفضيلها بلا قصد صالح، أو بلا علم، أو بلا نيَّة.

****

  النوع الثالث من اختلاف التنّوع: هو أن يكون المعنيان متغايران، لكن مع كلِّ معنًى منهما دليل، مما يدلُّ على أنَّ فعل أحد الأمرين صحيح؛ لأنَّ كلاهما مشروع، وهذا كثيرًا ما يأتي في المنازعات.

والنوع الرابع من اختلاف التنوّع: ما يكون طريقتان مشروعتان ويأخذ قوم بطريقة منهما، ويأخذ آخرون بالطريقة الأخرى، وكلا الطريقتين حسن في الدين، ولا يَذُمُّ واحدةً منهما إلاّ جاهلٌ أو ظالمٌ، أو يفضل إحداهما على الأخرى بنية سيئة أو عن جهل أو من غير قصد.

وخلاصة القول: أنَّ اختلاف التنوّع كل من أخذ بطرف منه فهو على حق ولا يذمّ ولا يلام؛ لأنَّ الأمر فيه واسع وكل طرف من أطرافه مشروع، ومثله اختلاف المفسرين في تفسير بعض الآيات التي تحتمل عدة معان.

***


الشرح