ومنه: ما يكون
كل من القولين هو في الواقع في معنى القول الآخر، لكن العبارتان مختلفتان، كما قد
يختلف كثيرٌ من الناس في ألفاظ الحدود والتعريفات وصيغ الأدلة، والتعبير عن
المسمّيات، وتقسيم الأحكـام وغير ذلك. ثم الجهل أو الظلم يحمل على حمد إحدى
المقالتين وذمّ الأخرى.
****
قوله: «ومنه ما يكون كل من القولين...» النوع
الثالث من اختلاف التنوع: ما كان الاختلاف فيه على نوعين:
النوع الأول: أن يكون الاختلاف
فيه حسب الأدلة والروايات، وهذا قد فرغنا من الحديث عنه.
النوع الثاني: أن يكون المعنى
واحد، والألفاظ مختلفة، فكلُّ واحد يأخذ بلفظ وينكر على الآخر، مع أنَّ المؤدَّى
واحد.
قوله: «ثم الجهل أو
الظلم هو الذي يحمل على حمد إحدى المقالتين» يعني: إما الجهل بالأدلة
التي مع الآخر، أو الظلم وهو التعصّب للرأي؛ لأنَّ التعصّب نوعٌ من الظلم، فبعضهم
يقول: ولو كان مع المخالف دليل لا أقبل دليله؛ لأنَّ إمامي أعرف بالأدلة. وهذا
تعصّب وظلم، ولذلك يُروى أنَّ بعض الحنفية كان يُصلي بجانبه مصلٍّ يُشير بسبّابته
في التشهد، فما كان منه إلاّ أن كسر إصبعه، وهذا الفعل لا يصدر إلاّ عن جاهل ظالم.
***
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد