لأنَّ النساء في أول الأمر كانت تكشف وجوهها،
حيث رخّص لهن بذلك، ثم أُمرن بالحجاب حين قال الله عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ
وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن
جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ﴾ [الأحزاب: 59]، وفي
قصة عائشة رضي الله عنها ما يبيِّن هذا الأمر، وذلك لما خرجت مع النبي في أحد
أسفاره، وقد تأخرت عن القوم لما ذهبت تقضي حاجتها، فجاءت ووجدت القوم قد سافروا
وهم يظنون أنها في الهودج، فبقيت في مكانها وقد أخذها النوم، حتى جاء صفوان بن
المعطَّل رضي الله عنه فرأى سوادًا في المكان، فلما تأكد أنها عائشة رضي الله عنها
قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فأناخ راحلته وركبت عائشة وقاد بها الراحلة حتى
لحق بالقوم، قالت: فاستيقظت باسترجاعه، وكان يعرفني قبل أن يُفرض الحجاب، فعرف
أنها عائشة، والشاهد من هذه القصة أنَّ الحجاب إنما فُرض متأخّرًا، فالذين أخذوا
بجواز كشف الوجه، أخذوا بأدلةٍ منسوخة.
أما الذين يروْن ستر الوجه، فإنما أخذوا بالأدلة الصحيحة المتأخرة الصريـحة التي ليس بهـا لبس، مثل قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ﴾ [الأحـزاب: 59] ما معنى قوله تعالى: ﴿يُدۡنِينَ﴾؟ المقصود به: يغطّين وجوههن لأنَّ عليها جلبابًا من الأصل، والمطلوب أن تغطّي وجهها منه كما بيّنه عبيدة السلماني لما سُئل عن معنى الآية، فأخذ بطرف ثوبه وأضفاه على وجهه وقال: هكذا، وهذا تفسير تلقّاه عن ابن عباس رضي الله عنهما، فالآية صريحة في تغطية الوجه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد