وكما في إقرار
النبي صلى الله عليه وسلم: يوم بني قُريظة - وقد كان أمر المنادي ينادي: لا
يصلِّين العصر أحد إلاّ في بني قريظة - من صلَّى العصر في وقتها، ومن أخَّرها إلى
أن وصل إلى بني قريظة، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَهَدَ
الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ وَلَمْ يُصِبْ فَلَهُ
أَجْرٌ» ([1])، وإذا
جَعلتَ هذا قسمًا آخرَ صار الاختلاف ثلاثة أقسام.
****
ولهذا قال: ﴿فَفَهَّمۡنَٰهَا سُلَيۡمَٰنَۚ﴾ وأثنى على كلٍّ من داود وسليمان بالعلم، فدلَّ على أنَّ الاجتهاد في
المواطن التي يسوغ فيها الاجتهاد إذا حصل فيه اختلاف تنوّع، لا يُلام أحد الطرفين
ولا يخطّـأ.
قوله: «كما في إقرار
النبي صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة...» هذا مثال أيضًا على اختلاف
التنوع، وأنَّ كلًّا من الطائفتين على حق، وأنَّ فعل كل منهما غير مذموم.
ومحلُّ الشاهد: «لاَ
يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» ([2])، ولـمّا حان موعد
صلاة العصر وهم في الطريق، فبعضهم نظر إلى أنَّ قصد النبي صلى الله عليه وسلم هو
الحثّ على الإسراع إلى بني قريظة، وليس لمقصود ظاهر اللفظ، فصلّوا في الطريق ثم
واصلوا المسير إلى بني قريظة، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم صوّب فعل
الطائفتين.
قوله: «وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ لَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ونظائره كثيرة» هذا الحديث دليل على أنَّ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).
الصفحة 3 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد