وللأسف لا زلنا نرى
هذه الأصناف من المتعالمين الذين لا يكادون يمسكون بطرف من العلم حتى يغترّوا
بأنفسهم، فيُضِلُّون ويَضِلُّون، وأما أهل العلم الراسخـون فإنهم لا يتكلمون في
المسائل العلمية الشرعية حتى يستقصوا ما ورد فيها من النصوص والأدلة من الكتاب
والسُّنَّة ويجمعوا ويوفقوا بينها، ثم يُصدروا حكمهم.
وإذا كانت العلوم
الدنيوية تحتاج إلى معرفة وخبرة فالطبيب مثلاً لا يُعطَى شهادة مزاولة مهنة الطب
حتى يثبت أنه علم خباياها؛ لأنَّ القضية تتعلق بالأبدان. فكذلك سائر الصناعات لا
بدَّ أن يحيط الصانع بصنعته ويعلم خباياها، فمن باب أولى الشرع الذي به حياة
الأرواح وبه النجاة يوم القيامة.
ولهذا يقول المثل: يُفسد الدنيا أربعة: نصف فقيه، ونصف طبيب، ونصف نحوي، ونصف متكلِّم: نصف الفقيه يفسد البلدان؛ لأنه يُفتي بغير علم، ونصف الطبيب يُفسد الأبدان، ونصف المتكلِّم يُفسد الأديان، ونصف النحوي يُفسد اللسان.
الصفحة 6 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد