وقد قدّمـت ما
خرَّجـاه في «الصحيحين» عن أبي سعيـد رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَان قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ
بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ»، قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ» ([1])، وما
رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«لَتَأْخُذُنَّ أُمَّتِي مَأْخَذَ القُرُونِ قَبْلهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ
وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَارِسَ وَالرُّومِ؟ قَالَ:
«فَمَنِ النَّاسُ إِلاَّ أُولَئِكَ» ([2]).
****
\ ورأوا المشركين
يعكفون على سدرة يقال لها: ذات أنواط، ويعلّقون بها أسلحتهم تبرُّكًا بها، فلقلِّة
علم هؤلاء، وحداثة إسلامهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم شجرةً
يفعلون عندها مثل ما يفعل الكفار، فالنبي صلى الله عليه وسلم تعجَّب واستغـرب،
وكبَّر الله عز وجل وقال: «إِنَّهَا السَّنَنُ» يعني: الطُرق المتبعة «قُلْتُمْ
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿ٱجۡعَل
لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ﴾ [الأعراف: 138] » لما مرّ بنو
إسرائيل على قومٍ يعكفون على أصنامٍ لهم قالوا: يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم
آلهة، فأصل البلاء هو التقليد والتشبّه بالكفار وأهل الفسق وأهل الأهواء، هذا هو
أصل البلاء في الأمم السابقة، وفي هذه الأمّة.
وهذا الحديث جاء في وصف تشبُّه هذه الأمة بالأمم مِن قبلها، فقوله: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَان قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ» يعني: أنه سيكون في هذه الأمة من
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3456)، ومسلم رقم (2669).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد