×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وهذا كلُّه خَرَج منه مَخْرج الخَبر عن وقوع ذلك، والذّمِّ لمن يفعله، كما كان يخبر عما يفعله الناس بين يدي الساعة من الأشراط والأمور المحرّمات. فعُلم أنَّ مشابهة هذه الأمة اليهودَ والنصارى وفارسَ والرومَ مما ذمَّه الله ورسوله، وهو المطلوب.

****

ميتشبّه بمن كان قبلنا من اليهود والنصارى، ويأخذ طريقهم في كلِّ شيء حتى في الأمور التافهة مثل جحر الضّبّ، ومعلومٌ أنَّ أعسر الجحور وأضيقها جحر الضّبّ ومع ذلك لو وُجد في الأمم السابقة من يدخل في هذا الجحر لوُجد في هذه الأمة من يدخله تقليدًا لهم، وتشبّهًا بهم.

وفي حديث أبي هريرة أنَّ هذه الأمة تأخذ طريق فارس والروم، وفارسُ: هم عبدة النار من المجوس، والروم: هم النصارى، ولقد كانتا أعظم دولتين في وقتهما قبل مجيءِ الإسلام، فمن هذه الأمة مَن يسلك مسلك هاتين الدولتين الكافرتين، والمرء لا يسلك إلاّ مسلك مَن يُجِلُّ ويعظِّم، ولو خالف ما مَنَّ الله به على هذه الأمة بخير الأنبياء وجعلها خير الأمم، وهي أمة التوحيد التي تعبد الله، في حين أنَّ الفرس يعبدون النار، والروم يعبدون الصليب، ومع ذلك يوجد في هذه الأمة من يقلِّدهم، شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، منهم المقلّ ومنهم المستكثر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا كلُّه خبرٌ معناه النهي والتحذير عن التشبّه بالكفار.

 قوله: «وهذا كله خرج منه مخرج الخبر...» ولم يقصد بهذا الإخبار مجرد الإخبار فقط، وإنما قصد من ذلك التحذير من التشبّه بهذه الأمم المنحرفة من اليهود والنصارى وفارس والروم، وأن نعتزَّ بما عندنا مما أعطانا الله من الكرامة والفضل، ثم إنه لا بدَّ أن يكون


الشرح