وأيضًا لو فُرض
أنَّ الناسَ لا يترك أحد منهم هذه المشابهة المنكرة لكان في العلم بها معرفة
القبيح، والإيمان بذلك.
فإنَّ نفس
العلم والإيمان بما كرهه الله خير، وإن لم يعمل به. بل فائدة العلم والإيمان أعظم
من فائدة مجرد العمل الذي لم يقترن به علم.
فإنَّ الإنسان
إذا عرف المعروف وأنكر المنكر كان خيرًا من أن يكون ميّت القلب، لا يعرف معروفًا
ولا يُنكر منكرًا، ألا ترى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ رَأَى
مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ
الإِْيمَانِ» ([1]) رواه
مسلم، وفي لفظ: «لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِْيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ» ([2]).
****
فالمقصود: أنَّ ترك التشبّه
هو عملنا الذي نقدر عليه، وأما وقوعه وحصوله فهذا قدَر الله وقضاؤه، فنحن لا نحتج
بالقضاء والقدَر على فعل المعاصي والآثام، لأنه في وسعنا تركها وتجنّبها.
قوله: «وأيضًا لو فُرض أنَّ الناس لا يترك أحد منهم هذه المشابهة المنكرة...» هذا وجهٌ آخر من الحكمة في الإخبار عن التشبّه رغم تقدير وقوعه، وأنَّ الحكمة من هذا الإخبار إنما هو العلم، ولا شكَّ أنَّ العلم بالشيء مطلوب، وأنَّ الجهل به مذمّة.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (49).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد