×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

 وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِير أي: بامتثالهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم لهم حيث قالوا: ﴿سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ، وإن كان الأمر غير مألوف لهم وفيه مشقَّة، ومع ذلك استجابوا واستسلموا لأمر الله سبحانه وتعالى.

ولقد كان في هذا الأمر تربية من الله سبحانه لهذه الأمّة أن لا تفعل فعل الأمم السابقة، فتتباطأ في الاستجابة لأمر الله، وإنما تنصاع لحكم الله وترضى، وإن كان فيه ثقل على النفس، فإنها إن فعلتْ جاء التخفيف، فأنزل الله سبحانه: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ فنسخ الله الآية، وهي قوله: ﴿وَإِن تُبۡدُواْ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ يُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ وأرشدَ عباده إلى أن يسألوه التخفيف بدلَ أن يعترضوا، فقالوا: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا ا يعني: حملاً وثقلاً ﴿كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦ ا بِهِ فاستجاب الله لهم في كل ما سألوا.

فالحاصل: أنهم لـمّا استسلموا لأمر الله، ثم سألوا ربّهم التخفيف استجاب لهم، ونسخ الآية التي تتضمَّن أنَّ الإنسان يؤاخذ بما أخطأ فيه أو نسيه، أو حدّث به نفسه من غير أن يتكلّم أو يعمل، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قَدْ تجاوَزَ عَن أمَّتي الخَطَأ والنِّسْيَان وَمَا استُكرِهُوا عَلَيْهِ»  ([1]). «إِنَّ الله تَجَاوَزَ عَن أمَّتي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ»  ([2])


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (2045)، وابن حبان رقم (7219)، والحاكم رقم (2801).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (5269)، ومسلم رقم (127).