ألا ترى أنَّ
الفقهاء يفرِّقون بين الماء المطلق، وبين المائية المطلقة الثابتـة في المني
والمتغيرات وسائر المائعات، فأنت تقول عند التقييد: أكرم الضيف بإعطائه هذا
الدرهم، فهذا إكرام مقيّد، فإذا قلت: أكرم الضيف، كنت آمرًا بمفهوم اللفظ المطلق،
وذلك يقتضي أمورًا لا تحصل بحصول إعطاء الدرهم فقط.
وأما القسم
الثاني من العموم: فهو عموم الجنس لأفراده، كما يعمّ قوله تعالى: ﴿فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [التوبة: 5] كلّ مشرك.
والقسم الثالث
من أقسام العموم: عموم الجنس لأعيانه، كما يعمّ قوله: «لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ
بِكَافِرٍ» ([1]) جميع
أنواع القتل والمسلم والكافر.
إذا تبيّن هذا فالمخالفة المطلقة لا تحصل بالمخالفة في شيء ما، إذا كانت الموافقة قد حصلت في أكثر منه، وإنما تحصل بالمخالفة في جميع الأشياء أو في غالبها، إذ المخالفة المطلقة ضد الموافقة المطلقة فلا يجتمعان، بل الحكم للغالب وهذا تحقيق جيد، لكنه مبني على مقدمة، وهي أنَّ المفهوم من لفظ المخالفة عند الإطلاق، يعمّ المخالفة في عامّة الأمور الظاهرة، فإن خفي هذا في هذا الموضع المعيّن فخذ في الوجه الثاني، وهو العموم المعنويّ وهو أنَّ المخالفة مشتقّة، فإنما أمر بها لمعنى كونها مخالفة - كما تقدم تقريره - وذلك ثابت في كل فرد من أفراد المخالفة، فيكون العموم ثابتًا من جهة المعنى المعقول، وبهذين الطريقين يتقرر العموم في قوله تعالى: ﴿فَٱعۡتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾ [الحشر: 2]، وغير ذلك من الأفعال.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3047).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد