ففي قوله:
«أكرمه» طلبان: طلب للإكرام المطلق وطلب لهذا الفعل الذي يحصل به المطلق؛ وذلك لأن
حصول المعيّن مقتضٍ لحصول المطلق، وهذا معنى صحيح، إذا صادف فِطنة من الإنسان
وذكـاء؛ انتفع به في كثير من المواضع، وعلم به طريق البيان والدلالة.
بقي أن يقال:
هذا يدل على أنَّ جنس المخالفة أمر مقصود للشارع، وهذا صحيح لكن قصد الجنس قد يحصل
الاكتفاء فيه بالمخالفة في بعض الأمور، فما زاد على ذلك لا حاجة إليه.
قلت: إذا ثبت
أنَّ الجنس مقصود في الجملة كان ذلك حاصلاً في كل فرد من أفراده، ولو فرض أن
الوجوب سقط بالبعض؛ لم يرفع حكم الاستحباب عن الباقي.
وأيضا فإنَّ
ذلك يقتضي النهي عن موافقتهم؛ لأنه من قصد مخالفتهم، بحيث أمر بإحداث فعل يقتضي
مخالفتهم فيما لم تكن الموافقة فيه من فعلنا ولا قصدنا، فكيف لا ينهانا عن أن نفعل
فعلاً فيه موافقتهم، سواء قصدنا موافقتهم أو لم نقصدها؟
الوجه الخامس: أنه رتَّب الحكم على الوصف بحرف الفاء، فيدلّ هذا الترتيب على أنه عِلّة له من غير وجه، حيث قال: «إِنَّ اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ» ([1]) فإنه يقتضي أن عِلّة الأمر بهذه المخالفة كونُهم لا يصبغون، فالتقدير: اصبغوا؛ لأنهم لا يصبغون، وإذا كان عِلّة الأمر بالفعل عدم فعلهم له، دلّ على أنَّ قصد المخالفة لهم ثابت بالشّرع، وهو المطلوب، يوضح ذلك: أنه
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3462)، ومسلم رقم (2103).
الصفحة 5 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد