ما كان من أمور الجاهلية، وهو المطلوب.
ومن هذا ما
أخرجاه في «الصحيحين» عن المعرور بن سُويد قال: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ عَلَيْهِ
حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ مِثْلُهَا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ
أَنَّهُ سَابَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
فَعَيَّرَهُ بِأُمِّهِ، فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم،
فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ
امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» ([1]). وفي
رواية: قُلْتُ: عَلَى حِينِ سَاعَتِي: هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ؟ قَالَ:
«نَعَمْ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ
أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدَهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ،
وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ
كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ عَلَيْهِ» ([2]).
ففي هذا
الحديث: أن كل ما كان من أمر الجاهلية فهو مذموم. لأن قوله: «فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ»
ذمّ لتلك الخصلة، فلولا أن هـذا الوصف يقتضي ذمّ مـا اشتمل عليـه لـما حصل به
المقصود.
وفيه: أنَّ
التعيير بالأنساب من أخلاق الجاهلية.
وفيه: أنَّ
الرجل - مع فضله وعلمه ودينه - قد يكون فيه بعض هذه الخصال المسمّاة بجاهلية،
ويهودية، ونصرانية. ولا يوجب ذلك كفره ولا فسقه.
وأيضًا ما رواه مسلم في «صحيحه» عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ» ([3]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (30)، ومسلم رقم (1661).
الصفحة 3 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد