×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

 فكان لهم قصدان في بنائه:

الأول: أن يصرفوا النَّاس عن مسجد قباء، ويحوِّلوهم إلى هذا المكان.

الثاني: أن يجعلوه مركزًا للتخطيط والكيد ضد المسلمين. وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه إقرارًا له، وصادف أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان على أهبة السفر لتبوك، فوعدهم أن يصلي فيه إذا رجع.

ثم إنَّ الله الذي لا تخفى عليه خافية علم مقصدهم وسوء طوِيَّتهم، فنهى نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يصلِّي فيه؛ لأنهم ما قصدوا محبَّة الرَّسول ولا محبَّة صلاته فيه، وإنِّما قصدوا الخِداع والمكر، وأن يقوموا بعمل دعاية لهذا المبنى الخبيث، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، فوعدهم أن يصلي فيه إذا رجع من تبوك، ثم إنه رجع منصورًا مؤيَّدًا وسالمًا هو وأصحابه، فلمَّا أقبلوا على المدينـة، نزل الوحـي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى في وصف أصحـاب هذا المسجـد: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسۡجِدٗا ضِرَارٗا وَكُفۡرٗا وَتَفۡرِيقَۢا بَيۡنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَإِرۡصَادٗا لِّمَنۡ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبۡلُۚ وَلَيَحۡلِفُنَّ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۖ [التوبة: 107]، والمقصود بذلك هو: أبو عامر الفاسق وأتباعه، والمسجد هو مسجد الضرار، وهم يحلفون أن قصدهم من بناء هذا المسجـد الحسنى، والله سبحانه يعلم كذبهم ﴿وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ َ، ثم قال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِۚ فِيهِ رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ ١٠ أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٍ خَيۡرٌ


الشرح