×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

فكيف بمشاركتهم في أعمالهم الكُفرية، وتقاليدهم الفاسدة؟ لا شك أنَّ هذا أعظم، وهذا فعل كثير من المسلمين اليوم الذين يتشبهون بالكفار ويقلِّدونهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَان قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ» ([1]). وفي رواية: «حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلاَنِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ» ([2]» وهذا مما يصنعه الشَّيطان بالمسلمين، أن يُغريهم بالتشبُّه بالكفَّار لأجل أن يحوِّلهم من دِينهم إلى دين الكفَّار شيئًا فشيئًا، ولهذا أمرنا صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم، ونهانا عن التشبُّه بهم؛ قَطْعًا للصلة بيننا وبينهم في أمور الدِّين، وأمور العادات التي هي من خصائصهم.

وقوله: «فإنه إذا قيل: هذا العمل الذي يعملونه لو تجرَّد عن مشابهتهم لم يكن محرّمًا...» أي أن قولهم: إننا لا نقصد التشبُّه بهم، هو من باب الاحتيال، وحتى لو لم نقصد ذلك، فإنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء فإنَّه يجب تجنُّبه دون أن يقال: نحن لا نقصد كذا وكذا.

فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبُّه بهم ولم يقيّد ذلك بنيّة التشبّه بهم، فإنْ فُتِح البابُ فُتِح بابُ شرٍّ للنَّاس، فإن طبيعة البشر أن يسارعوا إلى الشرِّ أكثر من إسراعهم للخير، فهذا باب أقفله النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز فَتْحُه.

وقوله: «فإنَّ جميع ما يعملونه مما ليس من أعمال المسلمين السابقين: إما كفر، وإما معصية...» يعني: أنَّ أعمال الكفَّار لا تخلو


الشرح

([1])      أخرجه: البخاري رقم (7320)، ومسلم رقم (2669).     

([2])      أخرجه: الترمذي رقم (2641).