فإن منع التشبُّه
بغيرهم من سائر الكفرة يكون من باب أوْلى.
ففي الحديث: تحريم التشبُّه
بالكفار، سواء كانوا كِتابيين أو غير كتابيين، لما يجرُّ إليه التشبُّه بهم من
سَريان أفعالهم وعاداتهم ومعتقداتهم القبيحة إلى المسلمين، فكان هذا من باب سدِّ
الوسيلة، فإنَّ في ديننا من التعاليم والأحكام ما يغنينا عمّا عندهم.
وأما قوله صلى الله
عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا» فهذا من باب الوعيد، ولا يعني كفر من تشبَّه
باليهود والنصارى مطلقًا، لكن الأمر يحتاج إلى تفصيل، فإذا كان تشبُّهه بهم في
أمور الشرك كعبادة غير الله وتأليه المسيح عليه السلام، أو تألِيه الأنبياء
والصالحين، كما عند اليهود والنصارى، فإن هذا التشبُّه يقتضي الكفر بالإجماع، لكن
إذا كان التشبُّه دون ذلك فهو محرَّم، وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، وقد يكون
دون ذلك.
وقوله: «فَإِنَّ تَسْلِيمَ اليَهُودِ الإِشَارَةُ بِالأَصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الإِشَارَةُ بِالأَكُفِّ...» الله قد شـرع لنا السلام على من لقينا من المسلمين، فالابتداء بالسلام سُنَّة وردُّه واجب، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ أَوۡ رُدُّوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَسِيبًا﴾ [النساء: 86]، وقال صلى الله عليه وسلم: «أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ» ([1])، وكان يقول أوَّل ما قدم المدينة: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ» ([2]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (54).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد