×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

لقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ [الأنعام: 153].

ولقد جاء اسم الكتاب: «اقتضاء الصراط المستقيم، مخالفة أصحاب الجحيم» موافقًا لكلٍّ من الآيةِ والحديث، فالذي يسلك هذا الصراط يجب عليه أن لا يلتفت إلى هذه الطرق وهذه السُّبل الكثيرة.

ثم انظر أيها المسلم كيف أنَّ الله وحَّد الصراط المستقيم، وعدّد السبل المخالفة له، فقال سبحانه: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ [الأنعام: 153] لأنَّ هذه السُّبل كثيرة لا يمكن حصرها، فالناس مختلفون في طرقهم وقناعاتهم لإعجاب كلِّ ذي رأيٍ برأيه، فكلُّ جماعة تظنُّ أنّ طريقها صحيح، قال تعالى: ﴿كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ [المؤمنون: 53] فالسُّبل كثيرة ومتفرقة، ولا تنتهي، وأما هذا الصراط فهو واحد لا يتعدّد أبدًا، وهو كذلك منذ بدء الخليقة، وإلى أن يرث الله الأرضَ ومن عليها، فهو صراط الله، ومنهج الأنبياء، قال الله تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا [النساء: 69] نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممّن يسيرون على هذا الصراط المستقيم والنهج القويم.

ومما يلمَحُه القارئ من خلال اسم الكتابِ أنه يهتم بأمرٍ في غاية الأهمية، وهو أمرٌ طالما أكَّد عليه القرآن، وبيّنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من خلال أحاديثِه، وهو تميُّز هذه الأمة عن غيرها من الأمم، تميُّزها بدينها وبكتاب ربِّها، وسنة نبيِّها، وبعقيدتها وعبادتها ومعاملاتها وأخلاقها، فالله جل وعلا أراد لهذه الأمة أن تتميز عن غيرها من الأمم؛ لأنها هي الأمة


الشرح