×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

 فإنه يكونُ مع الذين أنعم الله عليهم من النبيِّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقًا.

فالحاصلُ: أنَّ اتِّباع السَّبيل والصراطِ المستقيم يقتضي مخالفةَ الطّائفتين، ولهذا قال الله جل وعلا: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦ صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧* يعني: غير صراط المغضوب عليهم ﴿وَلاَ الضَّالِّينَ أي: غير صِراط الضالِّين، وكما جاء في الآية الأخرى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153]. فلما كان صراطُ الله هو المستقيم اقتضى ذلك مخالفة الفريقين: المغضوب عليهم، والضالِّين؛ لأنَّ كِلا الفريقين في النار، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۖ وَلَا تُسۡ‍َٔلُ عَنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ [البقرة: 119]. والضالُّون والمغضوب عليهم كلاهما من أصحاب الجحيم، وصراط الله يَنهى عن سلوكِ طريقهم.

وهذا الكتابَ إنما جاء توضيحًا وبيانًا للآيات السالفةِ الذكر والتي تقتضي أن تكون هذه الأمّة مُباينةً لغيرهـا من الأمم، لا سيّما وهي تستمدُّ نهجهـا من كتاب الوحي ومن سنَّة النبي عليه الصلاة والسلام.

ولِيُعلَم أنَّ الطُّرُق ثلاثة لا تخرجُ عنها، فهي: إما طريق الـمُنعَمِ عليهم، وإما طريق المغضوب عليهم، وإما طريق الضالّين.

والحقيقة: أنَّنا حين نقول بأنه ينبغي على الأُمَّةِ المحمَّدية أن تتميّز في صفاتها الدينية والدنيوية وأن تخالف طريق المغضوب عليهم والضالِّين، فإن قولنا هذا يُغضِبُ دعاةَ العولمة، ودعاة حوار الأديان وغير ذلك من هذه الأطروحات؛ لأنهم إنما يقصدون من وراء هذه الدعوات طمس


الشرح