وهذه الفرق على
أقسام:
القسم الأول: اليهودُ الذين أخذوا
جانب العلم وتركوا العمل، لذلك غضب الله عليهم، لكونهم عَصَوا الله على عِلم،
قاصدين المعصية من بعد ما جاءتهم البينات، لذلك استحقوا اللعنة والغضب.
وأمَّا القسم
الثاني: فهم النصارى الذين أخذوا جانبَ العمل وتركـوا جانب العلم، اشتغلوا
بالعبـادة وبالغوا فيهـا وابتـدعوا أمورًا وعبادات لم يكتبها الله عليهم دونما علم
ودونما دليل، فَضَلُّوا وأضَلُّوا.
فالحاصل: أنَّ الذي يمثِّل الجانب الأول
من المخالفين هم اليهود، وهم المغضوب عليهم، لِـمَا عرفوا من الحقّ، وحادوا عنه،
وعاندوا أنبياءهم ورسلهم، ولهذا فهم استحقُّوا غضب الله ولعنتَه.
وأنَّ الذي يمثِّل الجانب الثاني النصارى، وهم الضالّون في رهبانيتهم وعباداتهم التي أحدثوها، وهي عبادةٌ ما أنزل الله بها من سلطان، ويُشبه هاتين الفرقتين من هذه الأمة: كلُّ عالمٍ لا يعمل بعلمه، وكلُّ عابدٍ لا يعبدُ اللهَ على دليلٍ وبصيرةٍ، ولكي تَحْذَر هذه الأمّة ما وقعت فيه الأمم السالفة أُمِرنا بقراءةِ هذه السُّورة وتكريرها في كل ركعة من صلاتنا، ولكي نسأل ربنا في كل حين أن يهدينا، وأن يدلّنا ويوفقنا ويثبتنا على الطريق الصحيح الموصل إليه، طريق الذين أنعم عليهم، وأن يجنّبنا طريق الذين غضب الله عليهم، وطريق الذين ضلّوا عن الصراط المستقيم، فهو دعاءٌ عظيم إذا استحضره المسلم، وخاطب اللهَ به، فإنَّه حريٌّ أن يستجيب الله له.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد