وهذا فيه: أنَّ من مقوِّمات
الدعوة إلى الله العلمَ، فالجاهل لا يصلح أن يدعو إلى الله؛ لأنَّه قد يُحلِّل
حرامًا، أو يُحرّم حلالاً، أو يقول على الله بغير علم، ولأنه لا يستطيع مجابهة
الشُّبهات التي تُوجَّه إليه من قِبل المعترضينَ، فلا بدَّ أن يكون عنده علمٌ يكشف
به الشُّبهات المضلِّلة ويدفع به الأباطيل الملفّقة، وإلاّ فإنه سيفشل في دعوته
ولن يكون له تأثير على غيره.
وقوله: ﴿عَلَىٰ
بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي﴾ أي: أدعو إلى الله أنا ومن
اتبعني واقتدى بي على علم.
وهذا يؤخذ منه: أنَّ الجاهل لا
يصلح أن يدعو إلى الله، ولا يجوز له أن يُفتي الناس بغير علم، ولكن له أن يأمر
الناس بالخير على وجه العموم؛ كأن يأمرهم بالصلاةِ وبرّ الوالدين والصدقة، أي:
يأمرهم بالأمور الظاهرة ويحثُّهم عليها، فكلٌّ عليه قدرٌ من الدعوة بحسبه، وأمّا
الأمور المتعلِّقة بالحلال والحرام، والتوحيد والشرك، والبدع والمحدَثات وما يتعلق
بتفاصيل أمور الشريعة، فلا يخوضُ غِمارها إلاّ من كان على جانب من العلم بعلوم
الشريعة ومقاصدها.
وأمّـا قوله: «صلّى الله
عليـه وعلى آلـه وسلّم تسليمًا» فإنه لـمّا جاء بالشهادتين في بداية كلامه أتى
بعد ذلك بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، عملاً بقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
***
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد