وبعد: فإني قد نَهَيتُ إمّا مبتدئًا وإمّا
مجيبًا عن التشبُّه بالكفّار في أعيادهم، وأخبرتُ ببعض مـا في ذلك مـن الأثر
القديم والـدّلالةِ الشّرعية.
****
ومعنى الصلاة من الله جل وعلا
على نبيه: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، وهي من الملائكة الاستغفار له، وهي
من المؤمنين الدعاء له صلى الله عليه وسلم، والنبيّ صلى الله عليه وسلم له حقوق
علينـا ومن أعظم حقوقـه أن نصلي عليـه ونسلِّم تسليمًا كلّما ذكرناه، سواء كان ذلك
في صلاتنا أو قبل وبعد دعائنا، وفي كل وقت ذُكر فيه، فإنَّ الدعاءَ معلَّقٌ لا
يُقبل حتى يُصليَ الداعي عليه. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا عَلَيَّ
فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» «[1]).، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله
عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» ([2]).
قوله: «وبعد» هذه
الكلمة يُؤتى بها للانتقال من كلامٍ إلى كلامٍ آخر، ويقال: إنها كلمة فصل بين
كلامين.
وقوله: «كنت نهيتُ إما
مبتدئًا» يعني: أنني أنهى ابتداءً دون أن يسألني أحد، «وإما مُجيبًا»
يعني: لمن يسألني. فهو رحمه الله ينهى عن البدع ويحذِّر منها، وقد اعترض
عليه بعض الناس - كما سيذكر - فيكون هذا بيانٌ منه لسبب تأليف هذا الكتاب القيِّم.
وقوله: «عن التشبّه بالكفار في أعيادهم» الأعياد: جَمعُ عيد، وهو ما يعودُ ويتكرَّر، وهو ينقسم إلى قسمين:
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2042)، وأحمد رقم (8804).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد