كما أنه جاهد
بلسانه، وبقلمه، وبسيفه، فحصل من ثمرات جهاده وجهوده ثروةٌ علميةٌ عظيمةٌ، هي بين
أيدينا الآن، وتَخَرَّج على يديه تلاميذ قاموا بالمهمة من بعده، مثل الإمام ابن
القيَّم، وابن كثير، وابن عبد الهادي، والذهبي، والمزِّي، وغيرهم ممَّن تتلمذوا
على يديه، فقاموا من بعده بنشر الدعوة إلى الله، ونشر علمه.
ولقد حصل في القرن
الثاني عشر أن وصلت كتب الشيخ إلى بلاد نجد، فأُولع بها الشيخ الإمام محمد بن عبد
الوهاب رحمه الله وكان هو الآخر يعيش في جوٍّ علميٍّ، كان أغلبه يدور في فروع
الفقه، وكانوا يتمسكون في ذلك الوقت بمذهب الأشاعرة مثل غيرهم؛ لأنهم كانوا يذهبون
إلى الشام ويتلقَّون العلم من أهل الشام - لا سيّما فلسطين - وكانت الأشعرية هي
المذهب السائد في تلك البلاد، فكانوا يعودون بفقه المذهب وفيما يتعلق بجانب
العقيدة وهم على عقيدة الأشاعرة، مع ما يحصلون عليه من الفقه، أضف إلى ذلك أنَّ
بلاد نجد كانت قد امتلأت بالبدع والخرافات، فقام هذا الإمام ليعيد للإسلام صفاءه
مما عَلِق به من الشركيَّات والخرافات وتعظيم القبور، فاهتمَّ بكتب شيخ الإسلام
ابن تيمية، وكُتب تلميذه ابن القيِّم، يقرؤها ويلخّص منها، ويؤلف على ضوئها، ويدعو
إلى الله عز وجل حتى قامت الدعوة في بلاد نجد على غرار دعوة الإمام شيخ الإسلام
ابن تيمية وابن القيم.
فالإمام محمد بن عبد
الوهاب إنما تخرَّج على كتب شيخ الإسلام، وكتب ابن القيم وعلى منهجهما في الدعوة
إلى الله.
وابن تيمية إنما
نَهَل من معين السَّلف، واقتفى أثرهم ونهج نهجهم، فنفع الله بدعوة الشيخ محمد بن
عبد الوهاب في الجزيرة العربية وما جاورها، وهذا من حسنات شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد