×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وكما سبق أن ذكرنا، فإنَّه لم تشغله المضايقات والمحاسبات التي اعترضت طريقه، بل كان يتلقّاها بالصبر واليقين وعدم اليأس، وكان يكتب لتلاميذه في السجن، يثبّتهم ويوطّنهم على الصبر، وعلى الاحتساب، وعلى مواصلة الجهاد. ورسائلُه في هذا الجانب لا تزال موجودة.

وللشيخ رحمه الله مؤلفات كثيرة لا تكادُ تُحصى، ومن بينها هذا المؤلّف الذي بين أيدينا الآن، حيث سنشرَعُ إن شاءَ الله في التعليق عليه حسب الاستطاعة، والكتاب بحرٌ خضمٌّ زاخر، وشهرته بَلَغت الآفاق، وقد احتفى به أهل العلم قراءةً ودراسة، فهو في الحقيقة كتابٌ يناسب كل وقت، فكأنه كُتب في وقتنا هذا، وعنوانه: «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» أي: أنَّ الصراطَ المستقيم الذي قال الله جل وعلا فيه: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦِۚ[الأنعام: 153] وقال فيه: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦  صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧ [الفاتحة: 6، 7] هو هذا الصراط، صراط الله - كما قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٥٢  صِرَٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ ٥٣ [الشورى: 52، 53].

فاتّباع هذا الصراط يقتضي مخالفة هذه الفرق الضالة، كما في قوله تعالى: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦  صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧  [الفاتحة: 6، 7] فالمسلم يطلب من الله أن يهديه إلى الصراط - أي: الطريق - القويم، وأن يجنّبه طريقَ الضالين والمنحرفين عن صِراطه، فالمغضوبُ عليهم: هم الذين أُوتوا علمًا


الشرح