×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وصدقوه واتبعوه، قالوا: يكفينا الإيمان بما أنزل الله علينا من التوراة والإنجيل ولا نقبل غيره ﴿وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ [البقرة: 91] أي: وهم يعلمون أنَّ ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق وهو الذي يوافق ما عندهم من العلم، ولكنه كتم العلم والحمق والحسد الذي ملأ القلوب، فهم - أي اليهود - رغم العلم الذي عندهم شابهوا الجهّال من أهل الأوثان في التعصب لباطلهم، فاستحقوا الغضب واللعنة.

وقد كذبوا في ادعائهم حيث قالوا: ﴿قَالُواْ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا [البقرة: 91] لأنهم لو آمنوا بما أنزل عليهم لاتَّبعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ الذي أنزل عليهم يبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ﴿ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ ِ [الأعراف: 157].

فدلّ على أنهم لم يؤمنوا حتى بالذي أنزل عليهم؛ لأنَّ الواجب أن يقبلوا الحق أينما كان. فالقرآن يصدّق الكتب التي معهم ويوافقها، فكيف يكذبونه، قال سبحانه: ﴿وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ.

ثم إنَّ الله سبحانه وتعالى فضحهم بقولهم: ﴿نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا كيف يؤمنون بما أُنزل عليهم وهم يقتلون أنبياءهم؟! هل الذي يؤمن بالأنبياء يقتلهم؟! فالله جل وعلا عيَّرهم بذلك فقال: ﴿قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [البقرة: 91] فقد قتلوا يحيى، وقتلوا زكريا، وأرادوا قتل عيسى، فمنعه الله منهم، وأرادوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم، فحماه الله منهم. فهم يقتلون الأنبياء، مع أنهم يقولون: ﴿نُؤ نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا فهم كاذبون في ذلك.


الشرح