×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وهذا يُبتلى به كثيرٌ من المنتسبين إلى طائفةِ معيّنة في العلم أو الدين من المتفقهة أو المتصوّفة أو غيرهم...

ثم إنَّهم لا يعلمون ما توجبه طائفتهم، مع أنَّ دِين الإسلام يوجب اتّباع الحقّ مطلقـًا، روايةً وفقهـًا من غير تعيـين شخصٍ أو طائفة، غير الرسول صلى الله عليه وسلم.

****

ومن لطائف حكمة الله سبحانه وتعالى أنَّ مَن كانوا يُهَدِّدونهم من أهل المدينة، هم الذين منَّ الله عليهم باتِّباع محمد صلى الله عليه وسلم، وهم الأوس والخزرج رضي الله عنهم فلقد جاؤوا مكة فعرضَ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته، فاستجابوا له، وعلموا أنَّ هذا هو الرجل الذي كانت تتهددهم به اليهود، فآمنوا به وبايعوه وصاروا هم أتباعه على الحقيقة، وقاتلوا اليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نقضوا العهد الذي بينهم وبين الرسول، حتى أجـلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المدينة، وأورث الله المسلمين أرضَهم وديارهم وأموالهم وأرضًا لم يطؤوها من أرضهم.

هذه الآيات ليست خاصَّةً باليهود، بل هي عامّةٌ لكلّ من اتّصف بصفتهم وعمل مثل عملهم من المتعصّبة في هذه الأمة الذين يتعصّبون لإمامٍ من أئمتهم، أو يتعصّبون لرأيٍ أو لمنهجٍ يخالف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء فيهم شبهٌ من اليهود، فالواجب على المؤمن أن يتّبع الحق، وأن يترك الباطل، وأن يدور مع الحق حيثما دار.

الذين يتعصّبون لرأي أو مذهب لا يعرفون ما تعصّبوا له، وهذا شأن المقلّدين تقليدًا أعمى، وهذا خطأ؛ لأنَّ الواجب عليهم أن ينظروا في قول إمامهم، أو عالمهم، أو طائفتهم، ويتفحّصونه، ويعرضونه على


الشرح