وقال سبحانه
وتعالى: ﴿وَقَالَتِ
ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ لَيۡسَتِ ٱلۡيَهُودُ عَلَىٰ شَيۡءٍٖ﴾ [البقرة: 113] فأخبر أنَّ كل واحدة من الأمتين تجحد
كلَّ ما عليه الأخرى، وأنت تجد كثيرًا من المتفقِّهة، إذا رأى المتصوّفة
والمتعبّدة لا يراهم شيئًا، ولا يعدُّهم إلاّ جهّالاً ضُلاّلاً، ولا يعتقـد في
طريقهم من العلم والهدى شيئًا، وترى كثيرًا من المتصوّفـة والمتنفقّرة لا يرى
الشريعة ولا العلم شيئًا، بل يرى المتمسِّك بهما منقطعًا عن الله، وأنه ليس عند
أهلها مما ينفع عند الله.
****
المقصود في قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ
ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ لَيۡسَتِ
ٱلۡيَهُودُ عَلَىٰ شَيۡ﴾ الإنكار؛ لأنَّ كلًّا من الطائفتين يجحد ما عند الأخرى
من الحق، وذلك من أجل أن ينتصر لنفسه، حيث يعتقد أنه هو وحده على الحقّ، وأنَّ
غيره على الباطل، وهذه مصادرةٌ للحق، لا تجوز، بل الواجب الاعتراف بما عند الآخر
من الحق، وبيان ما عنده من الباطل، هذا هو الإنصاف والعدل، فإذا مـا اختلف المرء
مع آخر، فالواجب أن نقبل ما عند الآخر من الحق.
وبعض هذه الأمة من المتفقِّهة والمتصوّفة شابهوا أهل الكتاب في نفي الحق عن مخالفيهم، فكلٌّ يتَّهم الآخـر بأنه على باطل وأنَّ الحق معه، فالمتصوّفة يرون المتفقِّهة ليس عندهم عبادة، وليس عندهم زهد، وليسوا على شيء، والمتفقّهة يرون أنَّ الصوفيّـة ضلاّل وليس عندهم حق، وهذا ظلمٌ وجوْرٌ من كلا الطائفتين، فالواجب الإنصاف مع الخصوم والمخالفين.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد