وقوله: «﴿فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ
ٱللَّهُۖ﴾» أمر الله نبيه أن يحكم بين الناس جميعًا ومنهم اليهود
والنصارى، بما أنزل الله من الكتاب والسنة، فالحكم بين الناس إنما يكون بالشرع، لا
يكون بالقوانين، ولا بالأنظمة البشرية، ولا بالعادات والأعراف القبلية، وأحكام
الجاهلية، وإنما يكون بالشرع المنزّل على عبده ورسوله؛ لأنه هو الكفيل بمصالح
العباد، وقطع النزاع، وصلاح القلوب، وردّ المظالم، فكتاب الله كفيلٌ بذلك كلِّه.
ثم قال سبحانه: ﴿وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ﴾ فدلَّ على أنَّ من
أعرض عن الكتاب والسنة فإنه متحاكم إلى الهوى.
قوله: « ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ ﴾» أي: الرسل ﴿شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ﴾ أي: سبيـلاً وسُنَّة، فالرسل دينهم واحد وهو التوحيد،
كلهم جاؤوا به وإن اختلفت شرائعهم، فإنَّ الله يشرع لكلِّ أمةٍ ما يصلحها في
وقتها، ثم ينسخ ذلك بشريعةٍ ثانية تصلح لوقتٍ متأخر، إلى أن جاء القرآن الكريم الذي
جعله الله صالحًا لكلِّ زمانٍ ومكان، لا يُغيَّر ولا يبدَّل إلى أن تقوم الساعة؛
لأنَّ الله ضمَّنه كل ما يحتاجه البشر، في كل شؤون حياتهم، فهو العليم الخبير بما
يُصلح عباده، فهذا القرآن لا ينسخ، وأما ما قبله من الشرائع، فكلها منسوخة بالقرآن
الكريم الذي جعل الله له الهيمنة على الكتب السابقة.
ثم قال سبحانه: ﴿وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِي مَآ ءَاتَىٰكُمۡۖ﴾ ليبلوكم: يعني: ليختبركم في ما آتاكم، فالله قادرٌ أن يجعل الناس كلَّهم مؤمنين موحّدين،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد