أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وذلك أنَّ
النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى البحرين - والمراد بها: هجر، وهي بلاد
الأحساء - وكان النبي صلى الله عليه وسلم صالحهم على أن يدفعوا ما شرطه عليهم من
المال، فلمّا عَلِم الأنصار بقدوم أبي عبيدة ومعه الأموال، جاؤوا مسرعين في آخر
الليل، وصلَّوا مع النبي صلى الله عليه وسلم الفجر، ولم يكن من المعهود أن يأتوا
بهذا الكثرة وهذا الوقت، وهذا يدلُّ على مدى حـب الإنسان للدنيا، حتى ولو كان من
أقوى الناس إيمانًا، فلا يُلام المرء على محبة المال، فالإنسان مجبول على محبتها،
قال سبحانه: ﴿وَتُحِبُّونَ
ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا﴾ [الفجر: 20]، ولكن يُلام إذا أسرف في ذلك، وقدَّمها على
الآخرة، وضيّع حقوق الله.
فالمقصود: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما رآهم تبسّم وعجب من حرص بني آدم على الدنيا - والتبسم، يعني: الضحك الخفيف - وكانت هذه عادته صلى الله عليه وسلم أنَّ ضحكه التبسّم، وإذا بالغ في ذلك بدت نواجذه عليه الصلاة والسلام، ما كان يقهقه بالضحك، فلما رأى هذا الحرص بَشَّرهم، وقال: «أبشروا» أي: أمِّلوا وانتظروا الخير، فلن أبخل عليكم بشيء فيه خيرٌ لكم، ولا أخشى عليكم الفقر، أي: عواقبه، فإنَّ الفقر فيه مصلحة بخلاف الغنى؛ لأنَّ الفقير إن ابتُلي به يتواضع ويسكن، وينشغل بطلب قوته، فلا يُخشى عليه من الطغيان، فالفقر فيه مصلحة من ناحية أنه يُكسب الإنسان التواضع، ويكسبه القناعة بما آتاه الله، لكن الخشية من كثرة المال؛ لأنَّ المال يُطغي كما قال الله جل وعلا: ﴿كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ ٦ أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ ٧﴾ [العلق: 6 - 7] فالغنى فيه خطورة شديدة،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد