وهذا الذي خَشِيَهُ
النبي صلى الله عليه وسلم على أمته أن تُبسط عليهم الدنيا، يعني: وفرة المال، فإنَّ
ذلك فيه خطر؛ لأنه يحمل الإنسان على الطغيان وطلب الزيادة وعلى الميل إلى الشهوات،
وهو: الاستمتاع بالخلاق الذي حذَّر الله منه والرسول صلى الله عليه وسلم.
ثمَّ قال عليه
الصلاة والسلام: «فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا...» يعني: تتسابقون إليها
كما فعلت الأمم قبلكم، لا سيّما اليهود والنصارى، وإذا فعلوا حصلت الشحناء
والخصومات والمنازعات بسبب هذا التنافس، فالتنافس على الدنيـا يسبب فشل هذه
المحاذير التي ذكرنا، لأجل ذلك كانت خشية رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك،
فإنَّ ثمرة هذا التنافس هي الهلاك، فيجب على المسلم أن يحذر إن رزقه الله مالاً
ووسّع عليه أن لا يحمله هذا الغنى على الانغماس في الشهوات والملذات كما حصل للأمم
قبله، بل يستعمله في طاعة الله.
فعلى المسلمين أن لا يقعدوا عن طلب الرزق، فإننا لم نقل أنَّ الفقير يقعد ولا يطلب الرزق، بل قلنا: إنَّ الفقر لا يكون فيه مثل ما في الغنى من الطغيان، فالواجب على العبد أن يطلب الرزق، فالله أمر بطلب الرزق، وما ذكر هو من باب المقارنة بين الغنى والفقر، ومن باب التحذير من الانهماك والحرص الزائد على طلب الدنيا، ولكن المطلوب أن نعمل لأجل أن يغنينا الله عن الناس، هذا في حق الأفراد، وكذلك في حق الدول الإسلامية.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد