وفي «الصحيحين»
عن عُقبة بن عامر رضي الله عنه: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم، خَرَج يومًا
فَصلَّى على أهلِ أُحُدٍ صلاته على الميِّتِ، ثم انصرَفَ إلى الِمنبرِ، فقال:
«إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ
لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ
الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ
أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» ([1]).
وفي رواية:
«وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا،
وَتَقْتَتِلُوا، فَتَهْلِكُوا، كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» قَالَ
عُقْبَةُ: فَكَانَ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى
الْمِنْبَرِ ([2]).
****
قوله: «خرج يومًا فصلى على أهل أُحد..» هذا كان في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، ودَّع الأحياء، وودّع الأموات، خرج إلى شهداء أُحد، ليسلّم عليهم ويودّعهم، وقوله: فصلّي عليهم، يعني: دعا لهم، يحتمل لأنهم شهداء، والشهداء لا يُصلَّى عليهم، ويحتمل أنه صلى عليهم الجنازة فتكون هذه قضية عين خاصة بهم، ثم إنه أقبل إلى المنبر، يعني: صعد المنبر صلى الله عليه وسلم، وهذا توديعٌ للأحياء، فقال: «إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ»، والفَرَط في اللغة: هو السابق إلى الماء ليسقي لقومه، والرسول فَرَطُنا، أي: سابقنا إلى الحوض يوم القيامة، وهذا فيه إثبات الحوض للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنَّ الله أعطاه الحوض، وأعطاه الكوثر، وتَرِدُ هذه الأمة على هذا الحوض - كما جاء في الحديث - ويسقيهم الرسول بيده،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1344)، ومسلم رقم (2296).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد