×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وفي «الصحيحين» عن عُقبة بن عامر رضي الله عنه: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم، خَرَج يومًا فَصلَّى على أهلِ أُحُدٍ صلاته على الميِّتِ، ثم انصرَفَ إلى الِمنبرِ، فقال: «إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ - وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» ([1]).

وفي رواية: «وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وَتَقْتَتِلُوا، فَتَهْلِكُوا، كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» قَالَ عُقْبَةُ: فَكَانَ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ ([2]).

****

قوله: «خرج يومًا فصلى على أهل أُحد..» هذا كان في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، ودَّع الأحياء، وودّع الأموات، خرج إلى شهداء أُحد، ليسلّم عليهم ويودّعهم، وقوله: فصلّي عليهم، يعني: دعا لهم، يحتمل لأنهم شهداء، والشهداء لا يُصلَّى عليهم، ويحتمل أنه صلى عليهم الجنازة فتكون هذه قضية عين خاصة بهم، ثم إنه أقبل إلى المنبر، يعني: صعد المنبر صلى الله عليه وسلم، وهذا توديعٌ للأحياء، فقال: «إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ»، والفَرَط في اللغة: هو السابق إلى الماء ليسقي لقومه، والرسول فَرَطُنا، أي: سابقنا إلى الحوض يوم القيامة، وهذا فيه إثبات الحوض للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنَّ الله أعطاه الحوض، وأعطاه الكوثر، وتَرِدُ هذه الأمة على هذا الحوض - كما جاء في الحديث - ويسقيهم الرسول بيده،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1344)، ومسلم رقم (2296).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2296).