×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

 ويشربون منه، ومن شَرِب منه شربةً واحدة، فإنه لا يظمأ بعدها أبدًا، ولكن يُردّ عنه أُناس يعرفهم الرسول صلى الله عليه وسلم يُذادون ويردّون؛ لأنهم أحدثوا بعده ما أحدثوا من الردّة أو البدعة، فيُمنعون من وُرودِ الحوض عليه صلى الله عليه وسلم، فمعنى قوله: «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» أي: سابقكم ومقدِّمُكُم على الحوض.

قوله: «وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ» أي: أنا شهيدٌ عليكم بالبلاغ، كما قال جل وعلا: ﴿و وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ ا [البقرة: 143]، وقال تعالى: ﴿فَكَيۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۢ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ شَهِيدٗا [النساء: 41]، فالرسل يشهدون على أممهم بالبلاغ، وإقامة الحجة، وأنه لم يبقَ لهم معذرة، فالرسول يشهد على أمته، يشهد لهم بالخيرية والعدالة ويزكيهم، وهذه الأمة تشهد للرسل السابقين بأنهم بلَّغوا أقوامهم، قال تعالى: ﴿لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ والرسول يشهد لهذه الأمة بالخيريَّة والعدالة ويزكِّيها في هذه الشهادة.

قوله: «وَإِنِّي أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ...». هذا هو محل الشاهد، «أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ» يعني: سيستخرجون المعادن التي في الأرض وسيغنمون خزائن كسرى وقيصر، وما فيها من الذهب والفضة وغيرها من المخبوءات والأرزاق، وهنا يكمن خوف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من هذه الخيرات أن يحصل بسببها ما حصل للأمم السابقة.


الشرح