قوله: «وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا
بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا...». ليس هذا
معناه أنه لا يقع في هذه الأمة شرك، بل إنَّه سيقع كما سيأتي في الأحـاديث، ولكن
معناه: أنه يخاف عليهم الدنيا أشدَّ مما يخاف عليهم من الشرك، فالشرك لم يقع
في الصحابة ولا في القرون المفضلة لأنهم فهموا الإسلام وعرفوه، ودخل الإيمان في
قلوبهم وتمكَّن من قلوبهم، وسيحميهم الله من الوقوع في الشرك، فلا يُفهم من هذا
الحديث ما فهمه المخرّفون من أنَّ هذه الأمة لا يقع فيها شركٌ أبدًا، مع كثرة
عُبّاد القبور الآن، وعُبّاد الأضرحة الذين يطوفون بها صباح مساء، بل إنَّ النبي
صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون في هذه الأُمة من يعبد الأوثان في آخر الزمان.
فالمقصود: أنَّ النبيّ صلى
الله عليه وسلم خاف على الصحابة الدنيا أشدّ من خوف الشرك عليهم.
وقوله: «وَتَقْتَتِلُوا،
فَتَهْلِكُوا، كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ...» هذا وجه الخوف عليهم من
الدنيا، أن يطلبوها ثم يحصل بينهم نزاع وخصومات في أمور الدنيا، ثم يؤول الأمر إلى
أن يحمل بعضهم السلاح على بعض، وللأسف هذا مشاهد في واقعنا، فإنَّ المسلم يقتل
أخاه المسلم من أجل طمع دنيوي.
ثم قال عقبة: «فَكَانَ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ». يعني: أنَّ هذه آخر خطبة خطبها صلى الله عليه وسلم، فهي وداعٌ ووصيّة للأمة عند وفاته صلى الله عليه وسلم، يحذر فيها الأمة، وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد