ثم هذا
الاختلاف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم إمّا في الدِّين فقط، وإمّا في
الدِّين والدُّنيا، ثم قد يؤول إلى الدنيا، وقد يكون الاختلاف في الدنيا فقط، وهذا
الاختلاف الذي دلَّت عليه الأحاديث هو مما نُهي عنه في قوله تعالى:﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ
مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [آل عمران: 105]، وقوله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ
وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ﴾ [الأنعام: 159]، وقوله:
﴿وَأَنَّ
هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ
ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ﴾ [الأنعام: 153].
****
الافتراق والاختلاف
مذموم على سبيل العموم، لكنه يتفاوت، فإنَّ بعضه أشدّ من بعض، فأشدّه الاختلاف في
الدين؛ لأنه يؤدي إلى الضلال والكفر، وإلى النار في النهاية.
أمّا إن كان
الاختلاف في الدنيا كالنزاعات والخصومات والمشاجرات، فهذا أيضًا مذموم، وإن كان
أخف من الاختلاف في الدين، والمطلوب في مثل هذا الحال الإصلاح، وإذا استدعى الأمر
فلا بدّ من البتِّ في القضية على يد قاضٍ يحكم بكتاب الله وسنة رسوله، كما قال
الله عز وجل: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾ [النساء: 59].
والاختلاف يشمل: الاختلاف في الأموال، والاختلاف في العقائد، والاختلاف في العبادات، وكلُّه مذموم يجب على المسلمين تركه؛ لأنه أسلم وأحوط للقلوب، وفي تركه اجتماع الكلمة، لأجل ذلك أمرنا الله تعالى بعدم التفرق فقال: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [آل عمران: 105].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد