وهذا الافتراق
مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم من حـديث أبي هريرة وسعد، ومعاوية، وعمرو بن
عوف وغيرهم، وإنما ذكرت حديث ابن عمرو لما فيه من ذكر المشابهة.
****
المقصود: أنَّ أحاديث الافتراق مشهورة
وثابتة ومتعددة الروايات، وفي هذا ردٌّ على الذين يشكّكون الآن في حديث: «افْتَرَقَتِ
الْيَهُودُ» إلى قوله: «وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُْمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ
وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» فمن الناس من ينكر هذا الحديث، ويقول: إنه لم يثبت عن
النبي صلى الله عليه وسلم، ويطعن فيه عن جهل، ولو فرضنا أنَّ هذا الحديث لم يثبت،
فإنَّ الواقع يشهد لهذا الافتراق، فهل المسلمون الآن على طريقٍ واحد؟ أم أنهم على
طرق متعددة ومتنوعة؟ لا شكَّ أنهم على طرق متعددة وأفكار شتَّى.
فالنبي صلى الله
عليه وسلم قال: «عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ
إِلاَّ وَاحِدَةً» «[1]) يعني: اثنتين وسبعين فرقة في النار؛ لأنها مخالفة للطريق الصحيح، وواحدة فقط
على الجادّة، وهي في الجنة، وهذه الفرق التي في النار، كلٌّ منها بحسب مفارقتها،
فمنها من تكون في النار، إذا كان افتراقه يقتضي الرّدة، ومنها من تكون في النار
لفسق أصحابها، فيكونون في النار على حسب جريمتهم كأصحاب الكبائر، ولا يوصف بالكفر
إلاّ من استحقه بشروطه المعروفة عند أهل العلم.
وقوله: «إنما ذكرت حديث ابن عمرو لما فيه من ذكر المشابهة» التي هي محل البحث، وهي المذكورة في قوله: «حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَأتي أُمَّهُ عَلاَنِيَةً كَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ» ([2]) لأنَّ الكمال في
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (3992)، والطبراني في الكبير رقم (129).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد