×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

 حتى لو لم يبق منهم إلاّ واحـد، فإنه يسمى أهل السُّنَّة والجماعة، كما كان من حال الإمام أحمد رحمه الله عند فتنة القول بخلق القرآن، حيث صبر على الحق مع ما ناله من التعذيب والسجن حتى سمي إمام أهل السُّنَّة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِْسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» «[1]) لأنَّ الإسلام أول ما بدأ بدأ بالرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تبعه الأفراد، حتى صاروا أمّة، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡ‍َٔهُۥ [الفتح: 29] الآية، وسيعود الإسلام غريبًا في آخر الزمان، لكثرة مَن يخالفه، وقلة مَن يثبت عليه، حتى لربما لا يثبت عليه إلاّ أفراد معدودون، ويكونون غُرباءَ في الناس.

والغريب: هو الذي يعيش بين ظهراني غير أهله وفي غير بلده فالمتمسِّك بالسُّنَّة يكون غريبًا في آخر الزمان وتشتدّ الغربة عليه؛ لأنَّ أكثر الناس مخالفون له، وإن كانوا يدّعون الإسلام ويتشدّقون بالانتساب إليه.

ففي الحديث: أنَّ الواجب على المسلم أن يثبت على الحق مهما كلَّفه الأمر، حتى ولو لم يكن على الحق غيرُه، فإنَّ في الثبات على الحق طاعة الله ورسوله، والله يقول: ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ [النساء: 69] يعني: وإن خالفك أكثر الناس فـلا تستوحش؛ لأنَّك مع النبيّين والصّدّيقين والشهداء والصالحين، وكيف يستوحـش من كـان هؤلاء رفيقه؟!


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (145).