وأما أهل
البدعة، فالأمر فيهم ظاهر، وكما رأيته لكثير مِن الفُقهاء، أو لأكثر المتأخرين في
مسائل الفقه، وكذلك رأيت منه كثيرًا بين بعض المتفقِّهة وبعض المتصوّفة، ونظائره
كثيرة.
ومن جَعَل الله
له هِداية ونورًا، رأى من هذا ما يتبيَّن له به منفعة ما جاء في الكتاب والسُنَّة،
من النهي عن هذا وأشباهه، وإن كانت القلوب الصَّحيحة تنكر هذا ابتداءً، لكن نور
على نور. ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور.
****
أي: كما أنَّ اختلاف التضادّ واقع بين بعض أهل
السُّنّة فوقوعه عند أهل البدعة أكثر، لكن اختلاف المبتدعة ليس مبنيًّا على أدلة،
فالمبتدع لا دليل له إلاّ هواه واستحسانه، ليس له دليل من كتاب أو سنّة، وكذلك
يكون هذا الاختلاف بين الفقهاء الذين اجتهدوا في المسائل الفقهية، فالفقيه الفلاني
يقول بالتحريم، والآخر يقول بالإباحة، مع أنَّ التحريم والإباحة متضادّان، فلا
يمكن أن يكون كل واحد منهما له استدلال صحيح.
والمتفقهة هم الذين
يبحثون في المسائل الفقهية، والمتصوِّفة هم الذين يتعبّدون بالزهد والتقشّف
ويلبسون الصوف ميلاً إلى الخشونة، ثم آل بهم الأمرُ إلى أن تعبَّدوا بالبدع
والكُفْريات والإلحاد، وهذا نتيجة حتمية للتشدد في الدين، وترك العمل بالأدلة
الشرعية إلى العمل بالأذواق والمواجيد وغير ذلك من شطحات الصوفيّـة.
المقصود من هذا الكلام: أنَّ الإنسان لا يعرف هذه المباحث العظيمة، وهي الوقوف على أنواع الخلاف السائغ،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد