فالرسول صلى الله عليه وسلم غضب عند ذلك، وقال: «اعْمَلُوا
فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» ([1]) وإنما غضب صلى الله
عليه وسلم؛ لأنَّ هذا المفهوم فيه تضليل للناس، فهم يزعمون أنَّ هناك تعارضًا بين
أمر الله لعباده بالطاعة، ونهيه عن المعصية، وأمره بالإيمان ونهيه عن الكفر، مع
أنَّ الأمور مكتوبة على الإنسان، فما الفائدة في العمل؟ إذًا يتكل العبد على ما
كُتب له من السعادة أو الشقاوة.
والحقيقة: أنَّ هذا جهلٌ
بكتاب الله عز وجل فلا تعارض بين القَدَر والشرع، والله نهى عن الكفر وحرَّمه،
ولكنه قدَّره سبحانه وتعالى لحكمة ونحن علينا العمل، لا نخاصم الله عز وجل في
قضائه وقدره، وإنّما نخاصم أنفسنا، وقد أقدرنا أن نعمل أو نترك، فالواجب أن نقوم
بما يختصّ بنا، فإذا أمرنا بأمر أتينا منه ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، كالصلاة
والصيام والحج والجهاد، وإذا نهينا عن شيء انتهينا، كترك المحرمات والمنهيات،
وعندنا في ذلك القدرة على الفعل والترك.
ثُمَّ إنَّ الله
تعالى أخبرنا فقال: ﴿إِنَّ
سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ ٤ فَأَمَّا
مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ
٧ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ
٨ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ
١٠﴾ [الليل: 4 - 10] فالسبب من قِبَلِ العبد، والقدَر من
قبل الله جل وعلا، فنحن لا نتعلَّق بالقدَر وما يختص بالله عز وجل وإنما نتعلق بما
يختص بنا من فعل الأوامر وترك المنهيّات، وقد مكّنّا من العمل وبيَّن الله لنا
طريقه، فلماذا نترك العمل الذي نقدر عليه وكُلِّفنا به ونحتجّ بالقضاء والقدر.
***
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4949)، ومسلم رقم (2647).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد