لأنه لا يجوز الجدال
والتخاصم في القرآن، وإذا ما أشكل شيءٌ من معاني القرآن، فالواجب أن يُردَّ بعضه
إلى بعض، وأن يفسَّرَ القرآن بالقرآن، وهذا إذا كان عند المسلم المقدرة العلمية
والأدوات لذلك، وأما إذا لم يكن عنده مقدرة، فالواجب أن يسأل أهل العلم، وإلاّ
توقّف عن الخوض في الأمر ولا يدخل في شيءٍ لا يحسنه، فهذا هو سبيل السلامة.
فإنَّ الأمم السابقة
إنما هلكت في اختلافهم على كتبهم: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ
ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۢ
بَعِيدٖ﴾ [البقرة: 176] فالقرآن كلُّه حق؛ لأَنَّه تنزيلٌ من حكيمٍ حميد، لا يمكن
أن تتعارض آياته مع بعضها تعارضًا حقيقيًّا، فإما أن تُفسَّرَ الآياتُ بعضها ببعض،
أو تُفسَّرُ بالسُّنّة النبوية؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم هو الموكول إليه
بيان ما أنزل من القرآن الكريم، فإنْ لم يوجد في السُّنّة ما يفسِّر آيات القرآن
فإنه يُفسَّر بأقوال الصحابة الذين تتلمذوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن لم
يوجد فيفسَّرُ بأقوال التابعين الذين أخذوا عن الصحابة الكرام، فإن لم يوجد فإنه
يُفسَّر بمقتضى اللغة التي نزل بها القرآن، وهذه هي أوجه التفسير التي ذكرها
الإمام ابن كثير رحمه الله في مقدّمة «تفسيره»، فالقرآن لا يُفسَّر بالبداهة أو
بالأفكار أو بما يسمونه الإعجاز العلمي، فالقرآن لا يُفسَّر إلاّ بهذه الأوجه
الصحيحة الأربعة.
ولا يتصدّى لتفسير
القرآن إلاّ من هو متخصص في التفسير، وقد مَلَك أدواته من علم بأسباب النزول
والناسخ والمنسوخ واللغة العربية ومعرفة البلاغة، وغير ذلك، وعنده معرفة لوجوه
التفسير الصحيحة،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد