وتركت الطرف الآخر، فأنت شبيهٌ بالذين قال الله
فيهم: ﴿أَفَتُؤۡمِنُونَ
بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفۡعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ إِلَّا خِزۡيٞ فِي
ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ
ٱلۡعَذَابِۗ﴾ [البقرة: 85].
وقوله: «إنما الغرض
التنبيه على ما يُخاف على الأمة من موافقة الأمم قبلها» يعني: أنَّ
الغرض من هذه الإطالة هو التنبيه والتحذير أن تتشبَّه هذه الأمة بالأمم السابقة،
فتختلف في كتاب الله كما اختلفت، وتضرب بعضها ببعض، فتأخذ بطرف من الآيات وتترك
الطرف الآخر.
وقوله: «إنَّ الأمر في
هذا الحديث كما قاله صلى الله عليه وسلم هلاك بني آدم...» يعني: أنَّ هذا
الاختلاف المقيت هو الذي أهلك الأمم السابقة، كاليهود والنصارى حين اختلفوا في
كتابهم، ومن ذلك التنازع في القدَر، ومن التنازع في القدر نشأ مذهب المجوس الذين
يعبدون النار، ويقولون: إنَّ للكون خالقين: خالقٌ للخير، وخالقٌ للشر، فالنور
عندهم يخلق الخير، والظلمة تخلق الشر، فاختلافهم في القدر آل بهم إلى هذا القول
الباطل.
وكذلك الصابئة أتباع
نمرود الذين عبدوا الكواكب، وقد بعث الله إليهم نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام
- كما ذكر الله ذلك في القرآن - إنّما هلكوا بسبب اختلافهم في القدَر، وهذا
لأنَّهم اعتمدوا على فكرهم وآرائهم، وظنوا أنَّ هذه الكواكب هي التي تدبّر الأمر
والكون، فبنوا لها هياكل على شكلها في الأرض، وصاروا يعبدونها من دون الله، لذلك
أنكر عليهم خليل الله، قال الله تعالى حكاية عنه: ﴿مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ
أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ﴾ [الأنبياء: 52] فما
كانت حجتهم ﴿وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا كَذَٰلِكَ يَفۡعَلُونَ﴾ [الشعراء: 74] ؟ فما حملهم على كفرهم إلاّ التقليـد الأعمى - والعياذ
بالله.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد