ونحن نؤمن ابتداءً
بأنَّ الله حكيم عليم، وأنه لا يشرع شيئًا إلاّ لحكمة وأنَّ كل شيء عنده بمقدار،
وعلينا الإيمان بما عرفنا علّته وما لم نعرف.
وأفعال الله قد ندرك
حكمتها، وقد لا نعلمها، ولا يعني عدم معرفة العلّة التوقّف عن العمل، فهذا مذهب
الأمم الضالة التي هلكت بسبب ذلك.
وقوله: «وإما بأنَّ ما
فعله لم يأمر بخلافه، وما أمر به لم يقدِّر خلافه..» هذا هو مذهب الجبرية
الذين يقولـون: ما قدَّره لا يأمـر بخلافه، وينكرون الشرع ويثبتون القدَر،
والمعتزلة على العكس أثبتوا الشرع وأنكروا القدَر، وأما أهل السُّنَّة والجماعة
جمعوا بينهما، فأثبتوا القدَر، وأثبتوا الشرع.
وهم لـمّا زعموا أنَّ
هناك تعارضًا بين الشرع والقدَر، اختلفوا: فبعضهم أثبت القدَر ونفى الشرع، وبعضهم
على عكس ذلك، وعلَّلوا فعلهم هذا بأنَّه دفع للتعارض الذي زعموه، والواقع أنه لا
تعارض، وأنَّ كلًّا من الشرع والقدَر حق، ولا تعارض بينهما.
وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلب منا الإيمان بالقدَر من أجل أن نعطّل الأعمال، ونتّكل على القدَر، وإنما أخبر بالقدَر من أجل أن نؤمن به، ومن أجل أن لا نجزع إذا فاتنا شيء بعد بذل الأسباب، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ» ([1])، فالواجب على المسلم فعل
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2664).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد