×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

ثم لو فُرِض أنّا علمِنا أنَّ الناس لا يتركون المنكر، ولا يعترفون بأنه منكر، لم يكن ذلك مانعًا من إبلاغ الرِّسالة وبيان العلم، بل ذلك لا يُسقِط وجوبَ الإبلاغ ولا وجوبَ الأمر والنهي في إحدى الروايتين عن أحمد، وقول كثير من أهل العلم. على أنَّ هذا ليس موضع استقصاء ذلك.

****

وكذلك العالِـم لا يكون مُقْدِمًا على المخالفات، وإن كان يقع في بعضها، لكن إقدامه عليها مع حيـاء وخجل، ولا يكون مثل إقدام الجاهل الذي يُقْدِم عليها باطمئنان.

قوله: «ثم لو فرض أنّا علمنا أنَّ الناس لا يتركون المنكر...» وهذا وجهٌ أخير في بيان الحكمة في كون الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أَنَّه سيقع التشبّه بالكفار لا محالة معَ نهيه عنه، وذلك أنَّ العلماء واجب عليهم أن يبلِّغوا العلم ويدعوا إلى الله ويبيِّنوا العلم إقامة للحجة، وهذا خير لا شكَّ فيه.

فنحن مطلوب منّا أن نأمر بالمعروف وأن ننهى عن المنكر، وإن كنا نعلم أو يترجّح لدينا أنَّ الناس لا يأخذون بكلامنا، لكن فعلنا هذا من باب إقامة الحُجّة وإبراء الذِّمّة، ولهذا لما قال جماعة من بني إسرائيل من المؤمنين لمن يعظون العصاة: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ [الأعراف: 164] ﴿قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ [الأعراف: 164]

***.


الشرح