×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وإذا كان مخالفتهم سببًا لظهور الدين، فإنما المقصود بإرسال الرسل أن يظهر دِين الله على الدِّين كلّه، فتكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة.

وهكـذا روى أبو داود مـن حـديث أبي أيـوب الأنصاري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ - أَوْ عَلَى الْفِطْرَةِ - مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ» ([1]) رواه ابن ماجه من حديث العباس، ورواه الإمام أحمد من حديث السائب بن يزيد.

وقد جاء مفسّرًا تعليله: لا يزالون بخير ما لم يؤخِّروا المغرب إلى طلوع النجوم مضاهاةً لليهود، وما لم يؤخروا الفجر إلى مَحاقِ النجوم مضاهاةً للنصرانية.

****

هذه فائدة عظيمة، وهي أنَّ من علامات ظهور الإسلام مخالفة أعداء الإسلام، ودلّ بالمفهوم على أنَّ موافقة أعداء الإسلام نقصٌ في ظهور دين الإسلام، فإذا أراد المسلمون أن يظهر دِينهم، وأن تعلو كلمة الله فليخالفوا أعداء الله في عباداتهم وفي عاداتهم الخاصة بهم، حتى يكون للمسلمين تميّز وانفراد بدينهم وبشخصيتهم، ولا يذوبون مع الأديان والمِلَل الأخرى.

وأيضًا سيكون في هذه الأمة من يؤخّرون الإفطار والصلاة إلى أن تشتبك النجوم، يعني: تظهر النجوم في ظلمة الليل، فهذا من الابتداع في الدين، ومن خفاء السُّنَّة، أما المبادرة بالإفطار عند غروب الشمس، فهو من إظهار السُّنَّة ومن علوّ هذا الدين.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (418).